الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
104978 مشاهدة print word pdf
line-top
النية محلها القلب

...............................................................................


ثم معلوم أن النية محلها القلب؛ يعني الإنسان هو الذي يعلم ما في قلبه، ولا يجوز له أن يتلفظ بالنية، وإنما يكون قلبه عازمًا على فعل الشيء لله تعالى، وأما التلفظ بها فإنه بدعة لم ينقل عن السلف رحمهم الله.
يذكر عن الشافعي ما تشبث به بعض أتباعه أنه يستحب التلفظ بها، وهو ليس بصحيح؛ لأنه سئل مرة: بأي شيء تفتتح الصلاة؟ فقال: بفريضتين وسنة. الفريضتان: النية والتحريمة، والسنة رفع اليدين، فلما اشتهرت عنه هذه الكلمة ظن بعض الشافعية أنه يريد التلفظ؛ يعني كما أن التحريمة يتلفظ بها فكذا النية، فصاروا يكتبون في مؤلفاتهم صغيرها وكبيرها التلفظ بالنية سنة.
ولا دليل على ذلك على شرعية التلفظ بالنية، فالله تعالى أخبر وأعلم بما في القلوب، فلا حاجة إلى أن يتلفظ بها، يمكن تسمعون كثيرًا منهم إذا أراد أن يكبر للصلاة يقول مثلًا: نويت أن أصلي لله تعالى ولوجهه صلاة العصر أداء لا قضاء، أربع ركعات مستقبل القبلة، إمامًا أو مأمومًا، متطهرًا ونحو هذه الكلمات.
الله تعالى أعلم بما في قلبك أتخبر الله بما في قلبك؟! فهذا لا دليل عليه، وكذلك أيضًا إذا أراد أن يتوضأ يتلفظ فيقول: نويت أن أرفع الحدث الأصغر أو الحدث الأكبر، وأغسل أعضائي لأداء صلاة كذا، أو ما أشبه ذلك، فيكون بذلك قد تلفظ بما في قلبه، وأخبر الله والله أعلم بما في قلبه.
ثم إن الشافعية قالوا: لو أخطأ فإن العمل على ما في القلب. لو مثلًا قال: نويت أن أصلي الظهر وهو يريد العصر أداء لا قضاء، أخطأ في كلمة الظهر فإن العبرة بما في قلبه لا بما أخطأ به لسانه، فهذا دليل على أن الأعمال إنما تعتبر بالنية التي في القلوب لا التي يتكلم بها، فلا حاجة إلى التلفظ بهذه النية، الله تعالى هو الذي يعلم الضمائر؛ فالإنسان عليه أن يصلح نيته ولا يضره تكلم أو لم يتكلم.

line-bottom